تقرير شرق الأناضول : حسين جواهير

ومع اشتداد النداءات القادمة من الشرق في الأيام الأخيرة وحتى وصولها إلى صحافة الباب العالي (صحافة اسطنبول)، فإننا ننشر حرفياً المقال الذي أعده رفيقنا حسين جواهير، الذي أرسلناه إلى بيسميل وسيلوان.[1]

في بيسميل:

بيسميل هي منطقة تابعة لـديار بكر. عدد سكان المركز 6 آلاف. هناك 96 مختارية/قرية تابعة لـبيسميل. وعندما تضاف إليها المزارع (نقاط سكنية صغيرة تابعة لهذه القرى) يصل عدد التجمعات السكنية إلى 120-130. يمكن تقسيم القرى إلى قسمين: القرى الجبلية والقرى السهلية. يكسب الشعب رزقه من إنتاج الحبوب. تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة أكثر من مليوني فدان. بعض الأراضي يمتلكها الآغاوات. وعلى الرغم من دخول الجرارات والآلات الزراعية الأخرى إلى السهل، إلا أن قمع الآغا والشيخ مستمران.

(في سيلوان، قرر عبد القادر عزيز أوغلو، شقيق يوسف عزيز أوغلو، بناء سد على النهر الذي يمر عبر قريته. يجمع كل تلاميذه والمرابين ويبدأ بالعمل – إنه عمل غير مدفوع الأجر، إنه عمل  طوعي – من خلال حمل أكياس الرمل وصولاً إلى السد. أحد القرويين نحيل يسقط في منتصف الطريق مع الكيس. عندما يرى الشيخ الموقف، يغضب بشدة ويقترب من القروي ويبدأ بركله، وعندما يخبره القروي أن الكيس كان مملوءاً كثيراً بالرمل، يشتمه ويقول: “هل عُميَت عيناك؟”. وبعد أيام قليلة ينهار جدار السد الذي تم إنشاؤه بدون إشراف مهندس أو مخطط، تحت ضغط المياه المتراكمة خلفه، يؤدي إلى قصم ظهر أحد القرويين).

وفقاً لمدير منطقة بيسميل، بيركي ياشار چاغلاشان، لا يوجد شيء اسمه فوضى في المنطقة: لم يكن هناك قط قطاع طرق أو عصابة تزعج المحيط باستمرار. فقط، كان هناك عدد قليل من الأشخاص الذين قتلوا الناس، وبعض اللصوص، وعدد قليل من الفارين. واستسلم معظمهم من تلقاء أنفسهم.

كذلك؛ هناك سبب واحد فقط للعراك وإطلاق النار في بيسميل هو: الأرض. من ناحية؛ وصلت أرض الآغاوات إلى عشرات الآلاف من الأفدنة، ومن ناحية أخرى؛ استولى الآغاوات على أراضي الخزينة. 80% من الأراضي التي تزيد عن مليوني فدان كانت موضع نزاع. في الوقت الحالي؛ شيء واحد فقط يحل وضع هذا النزاع هو؛ الترهيب. لهذا السبب يعلم الجميع في بيسميل وحتى في الشرق والجنوب-الشرقي أن الآغاوات يطعمون الحراس المسلحين. قلنا أن السبب الوحيد لانعدام النظام هو الأرض. يوقف الآغا مطالب القرويين للأرض عن طريق إطعام قطاع الطرق. بعض المناطق محمية باسم الآغا من قبل قطاع الطرق هؤلاء. وينعكس هذا الوضع أيضاً على السياسة والانتخابات. في الواقع، بقيت الصحف تكتب أن شاكي أوزباي كان يعمل لـحزب كذا، وأن حميدو كان يعمل لـحزب كذا.

(هناك آغا يعيش في قرية سنان في بيسميل. اسمه: عبد القادر سنانلي – يسميه القرويون وسكان المحيط بـ فرمان آغا – يعلم الجميع أن لديه حراس مسلحون وأنهم يتجولون بأسلحة آلية. لديه مائة ألف فدان من الأراضي. بضع قرى ملكٌ له، بسروجها ومنازلها وأناسها. يعمل لـحزب AP (حزب العدالة) في الانتخابات البرلمانية عام 1969. عندما يذهب الجزار ابراهيم من القرية إلى المدينة، يَعِدْ أحد معارفه، “سأصوّت لـ YTP (حزب تركيا الجديد).” قال هذا لفرمان آغا في مقهى القرية قبل يومٍ من الانتخابات. واو هل أنت من يقول ذلك! تم طرده على الفور في اليوم التالي. لم يقبل أي آغا أن يبقى الجزار إبراهيم بحوزته، لأنه تمرّد على الآغا. الجزار إبراهيم يبحث الآن عن وظيفة في باطمان.)

وخلال تمشيطات الكوماندو في الأشهر الأخيرة، ظلت قرى الآغا دون مساس. على أساس أنه تم إجراء ما يسمى بالبحث-التفتيش في قرية فرمان آغا ولم يتم العثور على شيء. وهذا سبب آخر لشكاوي القرويين. “الآغا لديه سلاح، ولم يؤخذ منه، ولا يتم الضغط عليه. ولكن بالرغم من عدم امتلاكنا أسلحة، إلا أنه يتم تعذيبنا”. يقول الكوماندو أن لديهم قرار من قبل مجلس الوزراء بالتفتيش والتعذيب. ولم يرى أحد هذا القرار بعدْ. إنْ كان هناك بالفعل مثل هذا القرار، فإنه سيخلق جواً من الضغط الكامل والترعيب والإرهاب؛ هناك محاولة لتصوير الجيش وكأنه يقف إلى جانب الآغاوات. على المثقفين والتقدميين والثوريين أن يتّبعوا هذا القرار. هذه خطة لتدمير أخوة ووحدة شعوب تركيا وتقسيمها ومن ثم السيطرة عليها. إنها قسط تركيا من الخطة التي تنفذها الإمبريالية في الشرق-الأوسط.

(يصف مصطفى بولوت من مقهى كوجمان في بيسميل، وصول الكوماندو إلى المقهى: “جاء الكوماندو إلى المقهى. ليس لدي أي علاقة في قتل الناس بالسلاح، إنني أدير المقهى في بيسميل. قلت لهم: تفضلوا”. .’ ليتني لم أقل ذلك. لقد بدأوا بشتمي. قلت وخالي أيضاً ملازمٌ في الكوماندو، إنه إنسان طيب. ما ذنبي؟ لقد شتموني أكثر وآذوني بأسوأ شكل. كان هناك الكثير من الرجال في المقهى. لقد جُرِحتْ كرامتي. امتلأت عيناي بالدموع. حتى أنني بدأت أكره خالي. أليس من العار! إننا أيضاً من أناس هذا البلد!)

هذه أبسط حادثة في مركز هذه المنطقة. الخطة من وراء هذه الحادثة بسيطة وخطيرة. تدمير الجانب الثوري للجيش من جهة، وخلق جدران منيعة من الكراهية بين الجيش والشعب من جهة أخرى. ويمكن القول أنهم حققوا ذلك نوعاً ما.

يذهب الكوماندو إلى قرية كنبرلي. يوجد في القرية خريج  الإعدادية عدنان أك تبه. شابٌّ ذكي ومنوَّر. إنه يفهم بأن تركيا بأيّ وضع: فهو يقرأ ويفكر ويبحث عن حلول الخلاص. قرية كنبرلي تابعة لـ آغا. عدنان فقير ولا يستطيع إكمال الدراسة بعد الإعدادية. وقبل أن يذهب الكوماندو إلى القرية، أخبر الآغاوات عن عدنان. سُئِل عن عدنان. وحَضَر. قالوا له آتي بسلاحك. وعندما قال لا أملك سلاحاً، بدأوا بضربه. عندما ذهبنا، كانت يداه ممزقتين من الضرب. وكانت هناك كدمات على جسده. في النهاية لم يتمكنوا من العثور على السلاح في القرية. يبقى الضرب الذي تلقاه عدنان بلا حساب. والحقيقة أنهم في كل القرى يتم جمع الرجال في جهة والنساء في جهة أخرى، يتم ضربهم وفي أغلب الأحيان يخرجون من القرى خاليي الأيدي، لم يعثروا على شيء.

من الطبيعي أن يحمل القرويون السلاح ضد الأشقياء ورجال الآغاوات. رجال الآغاوات يسرقون ويقتلون الناس دون تردد من أجل مصالح الآغا. وتبقى السلطات الإدارية متفرجة على ذلك. ويحتفظ القرويون بكل الظلم كما لو كانوا يحفظون سراً.

(خليل توبتاش من سالات السفلى: “الأشقياء، وهم حراس الآغاوات، يحمون مناطق معينة ضد الأشقياء الآخرين والقرويين. مع ذلك؛ يتم الضغط علينا وحرق الأخضر قبل اليابس. وجاء الكوماندو إلى قريتنا أيضاً. جمعونا كلنا. ثم ركضوا وضحكوا. ثم بدأوا بالضرب. “لم أتمكن من فهم هذا. أي نوع من الأعمال هذا، أي نوع من الحكومة هذا، أي نوع من النظام هذا؟ طلب الكوماندو الماء من الحارس، وعندما أحضر الحارس الماء، سكبوه على رأسه وضحكوا، وعندما قال الحارس ما ذنبنا، قالوا يا كلب ابن الكلب، ألم يبقى أحد سواك لجلب الماء؟”)

وبالإضافة إلى ذلك، وصل الفساد في إدارة الأسمدة والبذور إلى عيوق (أعلى مستوى). على سبيل المثال؛ في العام الماضي، ادّعى الشعب بأن هناك فساد بسبب توزيع الأسمدة. تقدم بطلب إلى المديرية العامة للمصرف الزراعي. يقال بأن بهاء الدين معاون مدير البنك – موجود الآن في بالو- ورئيس البلدية نجيب أصلان يقومان بمحسوبيات بين الناس والتستر على الأسمدة وإنشاء سوق سوداء لها. يأتي المفتشون. وفي النهاية، لم يحصل شيء. تم تسليم 25 طناً من بذور القمح التي كانت من حصة القريتين تبه جيك وأراليك، إلى ثلاثة أشخاص ليس لهم أي علاقة بالأرض. ولم يتم الحصول على نتائج من الطلب المقدم إلى المحافظ.

ثم ظهر بأن نجيب أصلان ومعاون مدير البنك – معاون مدير البنك الزراعي – الذي لم يكن له أي دخل سوى راتبه، باعا البذور فاشترى شاحنة وطابقين بـ 150 ألف ليرة.

لو نظرت إلى المسألة من أي طرف كان، فإنك ترى التفسخ والفساد والخلل. وبما أن الحكومة تعرف هذا الوضع جيداً، فإنها تصرف الانتباه بوعي؛ وتنشر بأن هناك حركة “كردية” مكثفة. علماً؛ لا توجد حركة كردية. إن ما يحدث هو الرغبة في أن يكون مواطناً متساوياً مع حقه في استخدام لغته الأم. وهو الإيمان بالوحدة والأخوة الحقيقية لشعب تركيا فقط في ظل ظروف المساواة الحقيقية.

(يشرح رئيس قرية أراليك، علي بوداك: “لقد أوقفوا طفلاً من قريتنا متجهاً إلى قرية أوبالي. كانت الساعة 4:30 صباحاً. كان الطقس ضبابياً وبارداً جداً. أخرجونا من المنزل. أخذوني خارج القرية، وسألوا إذا كان هناك أشقياء وأسلحة. حشدوا النساء في المسجد. وجمعونا كلنا معاً. وفتشونا جميعاً. وفتشوا القرية لكنهم لم يجدوا شيئاً. لم ير الضباط ذلك، لكن الجنود بدأوا بضربنا”)

بكر جنكيز؛ بائع متجول عجوز وضعيف السمع. إنه يحاول كسب لقمة عيشه من خلال بيع الحلي للقرى. يرى الكوماندو على الطريق بكر جنكيز ويقولون له “قف”. بكر جنكيز لا يسمع ويستمر في طريقه. يسيرون بشكل أسرع ويصلون إليه. ويقومون بضرب بكر جنكيز بشكل فاجع.

كل فرد في قرية الملا فيّات يملك أرضاً. وبما أن القرية ليس لديها آغا، فليس له اعتبار عند “بوابة الحكومة” وليس له حماة. تجمع قوات الكوماندو كل القرويين وتفتش القرية. وحين لم يتمكنوا من العثور على أي شيء، بدأوا بضرب القرويين. “لماذا لا تملكون سلاحاً؟” كان أحد القرويين يقول: “إنْ كنت تملك سلاحاً أم لا فليس هناك مفر.” والآخر يقول: “هدف الرجال هو ضربك، سواء كان لديك سلاح أم لا.”

في قرية مزراكبير يسألون إمام القرية من لديه سلاح. يقول الإمام أنه لا يعرف، وحتى لو كان يعلم فلن يخبر، وأنه لا يليق برجل الدين أن يكون مُخبراً وجاسوساً. عندئذ يأخذون القرويين إلى الوادي ويبطحونهم على الوحل. إنهم يجبرون أولئك الذين لا يستلقون على الانبطاح، ويدعسون على ظهورهم.

هذه بعض الأمثلة. والأسوأ من ذلك أنه تم ارتكاب أعمال تعذيب لا يمكن تصورها في بيسميل. ومن يفعل ذلك هم جنود هذا الوطن. أولئك الذين أمروا بذلك هم عملاء الإمبريالية وآغاوات الأراضي. أولئك الذين يتعرضون للتعذيب هم شعب بلدنا. وهم أولئك الذين قاوموا الرصاص الفرنسي والإيطالي في حرب التحرير القومي الأولى وأطفالهم. وهم أطفال وأعضاء عصابة مصطفى كمال، الذين قضوا على الإمبريالية في بلادنا بقوة السلاح.

في سيلوان

تمت مداهمة كوريت ثلاث مرات. وفي الحملتين الأولى والثانية، بعد إخراج جميع القرويين، جمعوا الرجال في مكان والنساء في مكان آخر. ثم يتم تفتيش القرية. يتم تمشيط دقيق للقرية. يتعامل الكوماندو مع الوضع بشكل جيد للغاية، حيث توقفوا بالفعل عن مطاردة قطاع الطرق والقتلة المأجورين للآغاوات ويتعاملون مع هذه المهمة منذ بضعة أشهر. وعندما لا يجدون أي شيء، يغضبون. يتم تعذيب جميع الرجال، بدون استثناء حتى كبار السن، بأوامر الانبطاح والنهوض والزحف. يأخذون القرويين إلى أعلى التل ويدحرجونهم نحو الوادي. بعد أن يصلوا إلى الوادي، ويطلبون منهم العودة بالركض إلى أعلى التل. كبار السن الذين يبقون في الخلف يتعرضون للضرب والشتم. وبعد البحث عن الرحل في الحملة الثالثة، يعودون إلى القرية مرة أخرى. عندما صادف الكوماندو راعي بقر على الطريق قالوا له: “يا هذا؛ لماذا تطعمون قطاع الطرق؟”، يجيب الراعي: “أنا لا أعلم أي شيء. أنا دائماً في الخارج”. عندها يقومون بتعذيب الراعي ابراهيم بجعله منبطحاً ويضربونه الفلقة. كانت أرجل الراعي مزرقة. وكان باطن قدميه منتفخاً ومتشققاً. ولم يستطع الراعي أن يقوم من سريره أو يقف على قدميه لعشرة أيام.

وفي ويسي تعالى لم يقل القرويون شيئاً. وعندما قال أحد الأطفال أنهم تعرضوا للضرب، قالوا “لا شيء من هذا القبيل” وبدأوا في مطاردة الطفل.

وحاصروا مركز سيلوان في حوالي الساعة الثالثة صباحاً يوم 8 أبريل/نيسان 1970، بمساندة ما يقرب من 3 آلاف من رجال الدرك ووحدات الكوماندو وست مروحيات ومدفعية طائرات الكشف. أولئك الذين رأوا ذلك بدا وكأن قلعة العدو كانت تحت الحصار وعلى وشك التدمير. يأخذون كل من يستيقظ من الضجيج ويخرج من منزله دون استثناء إلى مكان معين للتجميع. وكانت أماكن التجميع هي ساحة معامل التبغ، وچالا كورته، والجزء العلوي من شادور. كل من أخرج رأسه لمعرفة ما يجري تم نطحه بأخمص البندقية وإحضاره إلى أماكن التجميع هذه. تعرض الناس للتعذيب بشكل جماعي في أماكن التجميع مع الأوامر بالزحف والانبطاح والنهوض والتدحرج. وجعلوا الناس ينبطحون على ظهورهم، ووجوههم على الأرض، وكانوا يدوسون عليهم ويضحكون. يذهب مهدي زانا، الذي تم إبلاغه بهذا الموقف، إلى نقطة التجميع بجوار معامل التبغ، لكن زانا يخضع أيضاً لنفس العملية. وأشد أنواع التعذيب تلك تجري في منطقة التجميع في الجزء العلوي من شادور.

تم تقديم طلب إلى مكتب مدير المنطقة حوالي الساعة التاسعة صباحاً – الآن مدير منطقة كويجيز – عندما أعلن مدير المنطقة أنه لم يكن هناك تعذيب وأنهم يكذبون، دعا عبد الكريم جيلان مدير المنطقة إلى مكان الحادث. فيقول مدير المنطقة: “إذن اذهب إلى المكان الذي تعرفه واشتكي”. ثم تم احتجاز عبد الكريم جيلان لأنه أهان مدير المنطقة في مكتبه. الشرطة تحتجز عبد الكريم جيلان في مركز الشرطة لفترة. وفي الوقت نفسه، يتم تفتيش المنازل في منطقة تل فريدون ويتعرض الناس للتعذيب المستمر. ويستمر التفتيش والتعذيب حتى الساعة 17:00.

تم الكشف بوضوح عن تحالف الإمبريالية مع العملاء من أرباب العمل والآغاوات الطاغيين أمام أعين الشعب أثناء عمليات التفتيش هذه. قبل ثلاثة أيام من التفتيش، أرسل والي ديار بكر – الذي تم تكليفه الآن منصب المديرية العامة للأمن – رسالة إلى آغاوات سيلوان. يأتي الآغاوات على الفور إلى أنقرة لقضاء العطلة. والشعب على علم بهذا الوضع. بالإضافة إلى ذلك؛ يتم إجراء عمليات التفتيش والتعذيب فقط خارج أسوار مدينة سيلوان. لا يتعرضون لمن هم داخل السور (هذه هي الأماكن التي يعيش فيها أثرياء سيلوان).

أفظع عمليات التفتيش والتعذيب تتم في مناطق ديريك وأروه وسيرت. ولكن لا يصدر نداء من هنا. ويكتم الناس غضبهم في داخلهم، والذي يتضخم يوماً بعد يوم. ولكن عندما تمت مداهمة مركز سيلوان في 8 أبريل/نيسان، أصبح بعض الأشخاص على علم بذلك.

(على سبيل المثال؛ في ديريك؛ جرّدوا إمام قرية رافشات من ملابسه(عرّوه). وربطوا عضوه الجنسي بحبل، وأمسكوه بيد زوجته، وتجولوا في القرية بأكملها. ثم عذبوا زوجته. وبعد هذه الحادثة هرب إمام القرية واختفى ولا أحد يعلم إلى أين ذهب).

حادثة أخرى: أثناء قيام قوات الكوماندو بعملية تفتيش قرية داوودي تابع لمركز ديار بكر، قام الكوماندو بطرح شاب أرضاً واعتدوا عليه بالضرب المبرح. عندما لم يتحمل والده هذا الوضع، ينقض على ابنه ويقول: “أوه، اضربني بدلاً منه”. فينفلق رأسه نتيجة ضربه بأخمص السلاح. كان دورسون يانارداغ ابن محمد المولود في قرية دورو، يبلغ من العمر 60 عاماً. تم نقله إلى مستشفى كلية الطب في ديار بكر بتاريخ 18/3/1970 وتوفي إثر إصابته بنزيف في الدماغ بتاريخ 22/3/1970. وقال القرويون أنه توفي في حادث مروري. فلما ألححنا قالوا: “أستُبعثونه؟ لقد مات”.

هذه مجرد بعض الأحداث التي تمكّنا من رؤيتها. ويتم القيام بالآلاف من هذه الأحداث الأكثر سوءاً في شرق وجنوب شرق الأناضول. هذه هي في الأساس مظاهر سياسة “فرّق تسد” التي تنتهجها الإمبريالية. إذا أردنا تطهير بلادنا من الإمبريالية وأعوانها وآغاوات الأراضي، وتحرير شعبنا وسعادته، علينا أن نتابع هذه الأحداث بعناية ونطرح المشكلة الشرقية من منظور علمي ومن منظور الوطنية الحقيقية. هناك شعب كردي في الشرق تقاسم المصير مع الشعب التركي لعدة قرون وقاتل العدو كتفاً بكتف. هناك الآلاف من المشاكل التي لم يتم حلها لهذا الشعب، مثل الشعب التركي. يتفشى قمع الآغا والجوع والظلم وإرهاب الحكومة العميلة في الشرق.

ومن ناحية أخرى؛ تنفذ الإمبريالية خطتها بسرعة في الشرق الأوسط. إنها تحاول تقسيم النضال التحرري ضد الإمبريالية وطعنه في الظهر من خلال زرع العداء بين الشعوب. وهذا هو جوهر الوضع. إنْ لم يتصرف ثوار تركيا بيقظة ويحاولون تعطيل هذه اللعبة من الآن، فقد يقعون في طريق مسدود كبير جداً في المستقبل.

لا يمكن حل المشكلة الشرقية إلا من خلال المسار الثوري. ومن أجل هذه السلطة الثورية، يجب على الثوار الأتراك والكُرد وجميع الوطنيين أن يتكاتفوا. ويجب تعزيز الأخوة الحقيقية القائمة بين الشعوب، ويجب محاربة العدو اللدود الإمبريالية وأن يكونوا يقظين. هذه هي الطريقة الوحيدة الصحيحة. وإلا فإن الوقوع في الشوفينية البرجوازية، في أي صفٍّ من الصفوف، يعني الوقوع في فخ الإمبريالية والانفصالية.

[1] هذه المقالة مأخوذة من العدد التاسع عشر من مجلة أيدنليك الاشتراكية، بتاريخ مايو/أيار 1970.


ترجمة من تركي ألى عربي محمد كمال

-المكتب الإعلامي لجبهة الثورة في الشرق الأوسط- [سبتمبر/أيلول 2023]

التعليقات (0)
اضف تعليق