موقع اممي ثوري ثقافي مناهض للامبريالية ومناصر لقضايا الشعوب حول العالم.

الحرب الآشورية المصرية

804
image_pdf

قراءات مشرقية ||  الحرب الاشورية – المصرية || نجح اسرحدون مرة بالحرب ومرة بالديبلوماسية ان يوطد الامور في امبراطوريته الواسعة في بلاد بابل وبلاد الشام وفينيقيا ، وفي تخومها الشمالية والشمالية الشرقية المترامية البالغة حوالي 1200 ميل، ولما استقرت الامور اتجهت انظاره نحو فتح كان قد حاول ابوه سنحاريب انجازه لكنه لم يفلح ونعني بذلك غزو مصر وضمها لأمبراطورية اشور .

ومهد اسرحدون لضمان ذلك ولاء القبائل العربية في بوادي الشام لسلامة مرور جيوشه الضخمة عبر سورية ومنها لمصر . فعقد العهود مع بعض امراء البادية ومشايخها مثل ( دومة الجندل)(ادومو او ادمتو كما ورد في النصوص الاشورية ) .

وسار اسرحدون بجيوشه الجرارة عام 679 ق. م واستولى على المدينة التي وردت بإسم ارزاني في وادي العريش، وبلغ رفح جنوب غزة عبر صحراء سيناء وتخبرنا النصوص الاشورية عن صعوبات واجهها الجيش في تلك الصحراء وبعد مسيرة 15 يوماً بلغ جيش اسرحدون حدود مصر الخضراء وكان يحكمها (تهارقا او طهراقا الحبشي 688-663 ق. م) الذي لم يستطع صد هجوم الجيش الاشوري فهرب الى جنوب البلاد .

ولم يستمر الغزو الاشوري طويلا فبعد سنتين عاد طهراقا من موضع اختباءه واستعاد العاصمة منفيس وشن الحرب على الحاميات الاشورية في الدلتا فأسرع اسرحدون يعد العدة للقضاء على طهراقا وسار بنفسه على رأس الجيش عبر سورية ولكنه توفي وهو في مدينة حران في عام 699 ق. م فترك امر مصر الى خليفته في الحكم ( اشور بانيبال) الذي سيعيد فتح مصر .

وهكذا تسلم آشور بانيبال الحكم في اشور وتولى في الوقت نفسه اخوه- شمش شم اوكن – عرش بابل ، وكانت اولى اهتمامات اشوربانيبيال اعادة فتح مصر فارسل قائد الجيش الاعلى الى سورية لاستنفار الجيوش وتعبئتها فجمع جيشا كبيرا امده به الملوك والامراء التابعون له .

وسار اشوربانيبيال الى حدود مصر وهزم جيش الفرعون طهراقا فهرب هذا من العاصمة منفس الى مدينة طيبة فلاحقه الجيش الاشوري وفتح المدينة وهكذا حقق الاشوريون عملا عسكريا يعد فريدا من نوعه بالنسبة الى ذلك العصر اذا انهم فتحوا بلاد بعيدة عنهم تبعد اكثر من 1300 ميل عن موطنهم وتختلف عنهم في العادات واللغة ،، الامر الذي تعذر فيه حكمها حكما مباشراً ولذلك قام اشوربانيبيال بتعيين ملوك وولاة من اهل البلاد المناوئين لحكم الملك الحبشي طهراقا وبالمقابل وضعت حاميات اشورية قوية في مدينة طيبة ومنطقة الدلتا ، بيد ان كل هذا لم يحق الغرض اذ ظهرت بوادر ثورة بعد فترة غير طويلة من جانب الكثير من اولئك الامراء والملوك بالاتفاق مع طهراقا على اقتسام السلطة في مصر

وسارع القادة الاشوريون الى مهاجمة المنشقين واسروا الكثير منهم وارسلوهم الى نينوى مكبلين فقتلوا فيها ، وابقى الملك الاشوري على نيخو ، احد ملوك الدلتا اذ عفا عنه واعاده الى الدلتا فاستعاد عرشه ، ومع ذلك فقد تجددت الثورة عام 655 ق. م بقيادة احد اقرباء الملك الحبشي طهراقا الذي مات في اثناء هذه الحوادث .
فجرت حملة اشورية اخرى ودخل الجيش الاشوري الى مدينة طيبة مرة ثانية ودمر المدينة واخذ منها غنائم كثيرة من بينها مسلتان مغلفتان بالبرونز وانتهى الاحتلال الاشوري لمصر بظهور ملك يسمى بسماتيك الاول الذي يُرجح انه ابن نيخو فاعلن الاستقلال وطرد الحاميات الاشورية من الدلتا بمساعدة جند من مرتزقة من الاغريق الآيونيين ، واسس الاسرة السادسة والعشرين 633-525 ق. م ، وهكذا فان الاحتلال الاشوري لمصر لم يدم اكثر من 15 عاما 670-655 ق. م

المصدر : كتاب  مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة – طه باقر

كتاب : العراق القديم – جورج رو

image_pdf
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.