من زيلان إلى آفيستا مسيرة مقاومة
من نجمة في سماء بلادها تحولت إلى شمس حارقة في وجه ألد أعدائها، لم تعد نجمة صغيرة بل باتت شمساً منيرة خالدة في قلب كل امرأة كردية وفي سماء كل رقعة من وطنها، إنها زيلان البطلة الأسطورية، زيلان التي غيرت مسيرة شعبها، وقادته إلى الانتصارات العظيمة، من زيلان تبدأ حكاية الإخلاص للوطن، حكاية امرأة باسلة أججت النيران في جسدها لتصبح رمزاً للمرأة الفدائية الحرة.
نفذت المناضلة زيلان أول عملية فدائية استثنائية من نوعها في تاريخ حركة حرية المرأة الكردستانية ضد العدو التركي لتدخل بها صفحات التاريخ، ولتكون قدوة لكافة النساء التواقات إلى الحرية.
من يوم عادي إلى يوم تاريخي عظيم
لم يكن يوم 30 حزيران من عام 1996يوماً عادياً بل كان يوماً جهنمياً بالنسبة للعدو، نفذت فيه المقاتلة زيلان عمليتها الفدائية لتكون رسالة ضد هجمات العدو التركي المستبد على حركة التحرر الكردستاني، وضد عملية الاغتيال التي استهدفت القائد عبدالله أوجلان في عام 1996 في العاصمة السورية دمشق، إلى جانب شن قوات الاحتلال التركي حملة كبيرة ضد أبناء وبنات الشعب الكردي عبر القيام بعمليات تمشيط عسكرية والقتل والإبادة بحق الشعب الكردي، أصبحت هذه العملية الفدائية رسالة لكل الطغاة والأعداء الذين يحاولون النيل من مكتسبات الشعب الكردي وكسر إرادته.
فمن هي زيلان التي قلبت الدولة التركية رأسا على عقب
زينب كناجي والتي تعرف باسم زيلان المرأة الشابة ذات 24 ربيعاً كانت من مدينة ملاطيا في شمال (باكور) كردستان، والحاصلة على إجازة في علم النفس ومتزوجة، تعرفت على الحركة التحررية الكردستانية خلال مرحلة دراستها الجامعية وخاضت في عام 1994 الأنشطة الجبهوية في مدينة أضنه لمدة عام، ثم قررت الانضمام إلى صفوف الكيريلا في ولاية ديرسم لتتابع مسيرة الكفاح والنضال في جبال كردستان الأبية، حيث لم تقبل الذل والخنوع تحت سيطرة الدولة التركية المحتلة التي حاولت أن تقمع منذ سنين صوت الشعب الكردي وهويته، إلا أن إرادتها كانت أقوى ورفضت الاستسلام والرضوخ للعدو.
بعد مضي عام على انضمام زيلان إلى صفوف الكيريلا، عام من التدريب والتعرف على الذات، عام في جبال كردستان قررت زيلان تنفيذ عمليتها الفدائية في مركز مدينة ديرسم ضد القوات التركية أثناء مراسيم رفع علمهم، وهي محملة بثمانية كيلوغرامات من المواد المتفجرة” TNT” وقطع من الحديد وقنبلتين يدويتين. كانت حصيلة عمليتها، مقتل 18 ضابطاَ رفيعي المستوى و 21 جريحاً.
وبهذه العملية الفدائية زرعت زيلان الرعب والخوف بين صفوف قوات الجيش التركي والتي كانت كصعقة في تاريخ الدولة التركية كونها العملية الأولى من نوعها والتي كانت تعتبر تكتيكاً جديداً في مواجهة العدو.
زيلان الشعلة التي لا تنطفئ
حولت زيلان رماد جسدها إلى شعلة تنير بها درب كل النساء الكرديات، والتي أنقذت حركة التحرر الكردستاني من المؤامرات التي كانت تحاك ضدها، ووجهت رسالة واضحة للعدو بأن الشعب الكردي شعب يرفض الاستسلام والخنوع، وأن المرأة الكردية تستطيع أن تحول جسدها من رماد إلى كتل ملتهبة من النار إذا شعرت بخطر يهدد مستقبل حريتها ومقاومتها.
وأصبحت زيلان حديثاً في كل منزل وفي قلب كل طفل ومسن، أصبحت حكاية ترويها الأمهات لأبنائهن قبل الخلود إلى النوم، حكاية حقيقية واقعية وليست أسطورية من وحي الخيال.
التاريخ يعيد نفسه مع المناضلة آفيستا
فبعد زيلان التي دونت حكايتها في تاريخ المرأة الكردية، سارت على دربها العديد من المناضلات اللواتي بحثن عن الحرية وجعلن من أجسادهن جسراً ينير درب حرية المرأة، ومن بينهن ريفانا وآرين في كوباني وآخرهن أفيستا خابور التي جعلت من جسدها درعاً وخندقاً أمام دبابات وقذائف الفاشية التركية في إقليم عفرين.
فأفيستا خابور (زلوخ حمو) ابنة الجبال التي ترفض الاستسلام، من مواليد قرية بيليه التابعة لناحية بلبلة بإقليم عفرين، ذات العشرين ربيعاً.
وكانت آفيستا مقاتلة ضمن صفوف وحدات حماية المرأة ومن ثم انضمت إلى صفوف وحدات مكافحة الإرهاب للدفاع عن قضية شعبها وقيمها وأرضها في وجه الإرهاب والذهنية الشوفينية للدولة التركية وحلفائها في ظل الصمت الدولي حيال المجازر التي ارتكبت بحق شعبها في عفرين.
ففي اليوم الثامن من مقاومة العصر بعفرين وبتاريخ 27 كانون الثاني، في قرية حمَام الحدوديّة التابعة لناحية جندريس بإقليم عفرين وبعد تعرّض القرية لغارات الطائرات وقصف الدبابات التركيّة ومساندة مرتزقة جبهة النصرة براً لها، قامت المقاتلة آفيستا خابور من وحدات مكافحة الإرهاب متحلّية بالشجاعة والإصرار وبالسير على خطى رفيقاتها آرين ميركان وريفان كوباني، ومتَبعة نهج زيلان بالتصدّي لإحدى الدبابات التي كانت تتجه نحو القرية، حيث هاجمت البطلة آفيستا بقنابلها على الدبابة ونفّذت عمليتها النوعية الفدائية وبهذا ارتقت إلى مرتبة الشهادة.
فقد لقنت المناضلة آفيستا بعمليتها الفدائية درساً للفاشية التركية بأن المرأة الكردية قادرة على الوقوف في وجه الأعداء وتستطيع التصدي لكافة المعوقات التي تقف أمام حريتها لأنهن كبرن على فكر المرأة الحرة الذي استمدنه من فكر قائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان، فأمثالهن أثبتن للعالم أجمع أن المرأة قادرة على الوقوف في وجه كل إرهابي ومحتل وقادرات على نيل حرية المرأة.
المصدر : وكالات