الخان الأحمر .. عنوان لمرحلة تقلق الفلسطينيين على قضيتهم
فلسطين المحتلة | يتعرض أهالي منطقة الخان الأحمر الواقعة على بعد 10 كم شرقي مدينة القدس وعلى الطريق الرئيس المؤدي إلى أريحا، لمحاولات تهجير من قبل السلطات الإسرائيلية لتنفيذ المخطط المعروف باسم E1 لربط مستوطنة معاليه أدوميم بمدينة القدس وتوسيع حدود المدينة.
وكثر في الآونة الأخيرة الحديث عن منطقة الخان الأحمر التابعة لمدينة القدس حيث شهدت العديد من المواجهات بين السلطات الإسرائيلية والفلسطينيين، بعد أن اعتبرت الحكومة الإسرائيلية برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الثالث من تموز/يوليو الماضي، الخان الأحمر منطقة مغلقة والعمل على ترحيل سكان الخان، بهدف إنشاء مشروع يفصل القدس عن مدينة أريحا.
وواجه سكان الخان الأحمر القرار المتخذ بحقهم والهادف بشكل أساسي إلى تغيير معالم المدينة وتهجير سكان المنطقة البالغ عددهم 181 نسمة ويسكنون الخيام، بالرفض القاطع.
ما هو الخان الأحمر ومن هم قاطنوه؟
وتعود أصول ونسل سكان الخان الأحمر إلى عرب الجهالين من منطقة تل العراد الواقعة في صحراء النقب شرق بئر السبع، حيث هجّروا خلال نكبة عام 1948 من مساكنهم في التل مما دفعهم للّجوء إلى المناطق الشرقية من الضفة الغربية بين مدينتي أريحا والقدس ليسكنوا في 23 تجمعاً بدوياً.
وبدأ سكان المجمعات البدوية في التنامي حتى بلغ عدد السكان في هذه التجمعات البدوية 7000 نسمة، وبلغ عدد السكان في الخان الأحمر أحد التجمعات البدوية 181 نسمة ومعظم السكان من الأطفال، ويسود على الخان الأحمر مشهد البداوة البسيطة نتيجة المساكن البسيطة والحياة البدوية القائمة على رعي الأغنام وبيع الأجبان والألبان لكسب قوت العيش.
الخان يتوسط مستوطنة ومعسكر عسكري
وبدأت المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تغيير ملامح المنطقة المحيطة بالخان الأحمر عام 1977 عبر إنشاء أول مستوطنة إسرائيلية بمحاذاة الخان وسميت بمستوطنة معاليه أدوميم، ولكن ازدادت المضايقات بحق سكان الخان اعتباراً من عام 2000.
وعلى الرغم من جملة الخطوات التي اتبعتها الحكومة الإسرائيلية إلا أنها لم تتمكن من تغيير الموقف الفلسطيني وبشكل خاص سكان الخان على اعتبار أن الأراضي التي يتواجدون فيها تندرج ضمن الأراضي الخاضعة للسيطرة الفلسطينية المصنفة كمناطق “ج” حسب اتفاقية أوسلو عام 1994 القائمة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
وتجددت الضغوط الإسرائيلية عام 2010 بإنشاء معسكر كفار ادوميم والذي يعد تجمعاً عسكرياً إسرائيلياً وتم إنشاؤه على الجانب الآخر مما جعل الخان يقع بين مستوطنة ومعسكر عسكري، واستمرت المحاولات في السيطرة على الخان، ليصدر الكابينت الإسرائيلي عام 2017 قراراً بهدم مدرسة الخان الأحمر، ولكنه لم يستطع جراء مواجهة المواطنين وتدخل الحكومة الفلسطينية.
ماذا يعني السيطرة على الخان الأحمر؟
وفي الثالث من تموز من العام الجاري، أصدرت الحكومة الإسرائيلية قراراً اعتبرت فيه الخان الأحمر منطقة مغلقة، لتندلع على إثرها مواجهات عنيفة بين سكان الخان والقوات الإسرائيلية مما أسفر عن إصابة 35 مواطناً، وأقدمت الحكومة الفلسطينية على اتخاذ خطوات بالتدخل بشكل فوري لإنقاذ الخان الأحمر.
وتهدف الحكومة الإسرائيلية إلى تهجير أهالي الخان الواقع شرق القدس وغرب مدينة أريحا ويعد الممر بين المدينتين، بهدف رسم صورة جديدة لمدينة القدس.
وبحسب المنطقة الجغرافية للخان فإن السيطرة عليه يعني وصول مستوطنة معاليه ادوميم إلى قلب مدينة القدس وبالتالي عزل مدينة القدس عن كافة المدن الفلسطينية الأخرى بشكل جذري.
ويعد الخان الأحمر الممر الوحيد الفاصل بين الأغوار الأردنية ومدينة القدس، وبالتالي يعتبر الطريق من الأراضي الأردنية ومدينة أريحا إلى داخل المدينة المقدسة، وبالتالي فإن السيطرة عليه يعني إحكام السيطرة على القدس.
ليس هذا وحسب، بل السيطرة على الخان تعني عملياً شطر الضفة إلى نصفين، ويحول دون سفر أهل رام الله ونابلس وطولكرم وجنين شمالاً، نحو بيت لحم والخليل جنوباً، فتصبح الضفة ضفتين، ومثلما القطيعة قائمة بين المناطق الثلاث، بين القدس والضفة والقطاع، يتم قطع الصلة الجغرافية والمعيشية بين شمال الضفة وجنوبها، وبذلك يتم تقطيع أوصال مناطق 67 لتتحول إلى أربع مناطق مفصولة عن بعضها.
المرأة الفلسطينية في مقدمة المواجهات
ويخوض بدو الخان الأحمر نضالاً مدنياً صعباً بوجه المخطط الإسرائيلي الهادف لهدم الخان، والملفت بأن النساء كنّ حاضرات ويدافعن بكل قوة قبل الرجال، إذ أن نساء الخان تجلسن أمام آليات القوات الإسرائيلية لمنعهم من هدم منازلهن ليجددن النموذج النسائي الفلسطيني النضالي في وجه القوة الإسرائيلية.
وتعرضت عدد من نساء الخان للضرب والاعتقال والإصابات، ولكن رغم ذلك بقين صامدات في مواجهة المخطط الرامي لهدم الخان.
موقف الحكومة الفلسطينية
الحكومة الفلسطينية بدورها لم تبقى صامتة، بل أصدرت قراراً بضرورة تواجد القيادة الفلسطينية داخل الخان الأحمر بشكل مستمر والعمل على مواجهة القوات الإسرائيلية، وقامت بتكليف عدد من المحامين للترافع أمام المحاكم الإسرائيلية بطلب موكل من قبل أهالي الخان الأحمر للعمل على تعطيل قرار الحكومة الإسرائيلية.
وتمكن المحامون من الحصول على قرار صادر عن المحاكم الإسرائيلية يقضي بتوقيف الهدم إلى حين النظر في قرار الحكومة الإسرائيلية والطلب المقدم من أهالي الخان الأحمر. كما سارعت الحكومة الفلسطينية إلى حشد الموقف الدولي والأوروبي تجاه قضية الخان الأحمر مما دفع عدداً من الدول الأوروبية إلى التواصل مع الحكومة الإسرائيلية وإبلاغها بخطورة ما تقوم به وإلزامها العزوف عن ذلك.
مختص بالشأن الإسرائيلي: قرارات العدل الإسرائيلية ذات طابع سياسي
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي أن المخطط الإسرائيلي هو “سياسة ممنهجة تتبعها الحكومة الإسرائيلية بدعم امريكي، لخطوات استيطانية جديدو”.
وأشار أن إسرائيل تسعى من خلال هدم الخان لإسكان غالبية يهودية في المنطقة الفاصلة بين منطقة الأغوار ومدينة القدس، منوهاً أن هناك 20 ألفاً من اليهود في منطقة الأغوار الفلسطينية مقابل وجود 100 ألف فلسطيني، وبالتالي تسعى إسرائيل لتهجير الفلسطينيين من أجل تحقيق الزيادة العددية في المنطقة.
وأوضح عليان الهندي أنه خلال الأعوام الثلاثة الماضية لجأت السلطات الإسرائيلية إلى تجميع كافة التجمعات البدوية في رقعة واحدة واستفردت بالأرض واستولت عليها.
وأكد الهندي إن قرارات العدل العليا الإسرائيلية التي تتعلق بالشأن الفلسطيني هي قرارات ذات طابع سياسي، وبالتالي قرار المحكمة سيكون لصالح الحكومة الإسرائيلية التي تمتلك الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية.
وبيّن الهندي أن الضغوط الأوروبية لا تشكل أي قوة فعلية على القرارات الإسرائيلية، وأضاف “السبب في ذلك هو إن إسرائيل لا تعترف بالقرارات والقوانين الدولية”.
واعتقد المختص بالشأن الإسرائيلي عليان الهندي في ختام حديثه ان التعايش الهش القائم داخل الضفة الغربية يمكن أن يكون عرضة للانفجار لأسباب عديدة أهم عناصره الاستيطان المتواصل في الضفة الغربية إذ من الممكن أن يكون الخان الأحمر بداية مرحلة جديدة من المواجهات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.
المصدر : هاوار – بقلم مصطفى الدحدوح – غزة